متن حدیث:
عِبادَ اللَّهِ إِنَّ تَقْوَى اللَّهِ حَمَتْ اءَوْلِيَاءَ اللَّهِ مَحارِمَهُ، وَ اءَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخافَتَهُ حَتَّى اءَسْهَرَتْ لَيَالِيَهُمْ، وَ اءَظْمَاءَتْ هَواجِرَهُمْ، فَاءَخَذُوا الرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ، وَ الرِّيَّ بِالظَّمَإِ، وَ اسْتَقْرَبُوا الْاءَجَلَ، فَبادَرُوا الْعَمَلَ، وَ كَذَّبُوا الْاءَمَلَ، فَلاَحَظُوا الْاءَجَلَ.
ثُمَّ إِنَّ الدُّنْيا دارُ فَناءٍ وَ غِيَرٍ وَ عِبَرٍ، فَمِنَ الْفَنَاءِ اءَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ، لا تُخْطِئُ سِهامُهُ، وَ لا تُؤْسَى جِرَاحُهُ، يَرْمِي الْحَيَّ بِالْمَوْتِ، وَ الصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ وَ النَّاجِيَ بِالْعَطَبِ، آكِلٌ لاَ يَشْبَعُ، وَ شارِبٌ لا يَنْقَعُ، وَ مِنَ الْعَناءِ اءَنَّ الْمَرْءَ يَجْمَعُ ما لا يَأْكُلُ، وَ يَبْنِي مَا لاَ يَسْكُنُ، ثُمَّ يَخْرُجُ إ لَى اللَّهِ تَعالى لا مالاً حَمَلَ، وَ لا بِنَاءً نَقَلَ.
وَ مِنْ غِيَرِها اءَنَّكَ تَرَى الْمَرْحُومَ مَغْبُوطا، وَ الْمَغْبُوطَ مَرْحُوما، لَيْسَ ذَلِكَ إ لا نَعِيما زَلَّ، وَ بُؤْسا نَزَلَ.
وَ مِنْ عِبَرِها اءَنَّ الْمَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى اءَمَلِهِ، فَيَقْتَطِعُهُ حُضُورُ اءَجَلِهِ، فَلا اءَمَلٌ يُدْرَكُ، وَ لا مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ، فَسُبْحانَ اللَّهِ ما اءَعَزَّ سُرُورَها، وَ اءَظْمَاءَ رِيَّها، وَ اءَضْحى فَيْئَها، لا جَاءٍ يُرَدُّ، وَ لا مَاضٍ يَرْتَدُّ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ، ما اءَقْرَبَ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ لِلَحاقِهِ بِهِ، وَ اءَبْعَدَ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ لاِنْقِطَاعِهِ عَنْهُ.
إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بِشَرٍّ مِنَ الشَّرِّ إِلا عِقَابُهُ، وَ لَيْسَ شَيْءٌ بِخَيْرٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلا ثَوَابُهُ، وَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيا سَماعُهُ اءَعْظَمُ مِنْ عِيانِهِ، وَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْآخِرَةِ عِيانُهُ اءَعْظَمُ مِنْ سَماعِهِ، فَلْيَكْفِكُمْ مِنَ الْعِيانِ السَّمَاعُ، وَ مِنَ الْغَيْبِ الْخَبَرُ، وَ اعْلَمُوا اءَنَّ ما نَقَصَ مِنَ الدُّنْيَا وَ زادَ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الْآخِرَةِ وَ زادَ فِي الدُّنْيا، فَكَمْ مِنْ مَنْقُوصٍ رابِحٍ، وَ مَزِيدٍ خاسِرٍ....
«نهجالبلاغه،خطبه 113»